عالم ما بعد كورونا نظام عالمي جديد في طور التحديد




                                نظام عالمي جديد في طور التحديد

       جاءت جائحة كورونا و عرت واقعا ووقائعا كانت تسير مدسوسة، متخفية تنتظر فرصة الخروج للعلن لتظهر نفسها وتكشف عورات كانت مستورة وتلفت انتباه الحشود الهائمة على وجهها بين مشاغلها اليومية وبين المواقع والشبكات الاجتماعية. رجت الأرض واهتزت وبأهلها ضاقت، فيروس صغير وحقير قتل الصغير قبل الكبير. عاقب كل من استهزأ به واستخف بما له من تأثير وخطر على الحياة البشرية . ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية ،القوة العالمية ، مشلولة ، مغلولة ،تائهة ، ضعيفة ، مرتبكة . عشوائية في إدارة الأزمة والتسيير. ثمنت الاقتصاد وبخست الحياة الإنسانية  ، سحب البساط وظهر المستور المقبور .انتهت الرحلة والمرحلة وتغيرت قواعد اللعبة وتجددت لتفصح عن عالم ونظام عالمي جديد، عالم ما بعد أمريكا، عالم الصين والدول الآسيوية (الهند- كوريا الجنوبية- ماليزيا – سنغافورة...)

أبانت الصين عن رؤية ثاقبة وجاهزية عالية للتعامل مع الأزمات حكومة وشعبا .تجاوزت إدارتها حدودها الجغرافية مقدمة الدعم والمساندة للدول الأخرى (إيطاليا...) بعد أن تخلى عنها الإتحاد الأوروبي ومن وراءه الولايات المتحدة الأمريكية مما سيؤدي إلى تغيرات بنيوية هامة في خريطة العلاقات الدولية وفي مرجعية التحالفات مستقبلا.

عالم ما بعد أمريكا عالم سماته وخصائصه في العوارض التالية :

             - ظهور أسواق جديدة تسمى بالأسواق الناشئة ( البرازيل – الصين – الهند – جنوب إفريقيا – الأرجنتين – ماليزيا ..) . أسواق عريضة من حيث عدد السكان و ذات قدرة شرائية قوية. أسواق توفر فرص عمل كبيرة من حيث تسويق المنتجات و تقديم الخدمات ...( أكبر موول يوجد في بكين) . لا تستغرب من أعداد السياح الأسيويين الذين قد تصادفهم يتجولون و يستكشفون بلدك .

           - نزوح رؤوس الأموال حيث العوائد و الأرباح أكبر و أوفر , و كذلك تحويل الشركات الكبرى لمصانعها و معاملها  إلى آسيا حيث العمالة المؤهلة و نسبة الاستهلاك مرتفعة و القدرة الشرائية القوية .

           - العالم أصبح أكثر تسطيحا ’ و أكثر اتصالا. يمكنك شراء ما تريد من أي مكان تريد وتتوصل به في منزلك أو أينما كنت طالما أن تكلفة النقل و الخدمات اللوجيستيكية في انخفاض مطرد و متزايد . ازدهار  التجارة  الإلكترونية و انتشارها ( Alibaba )

لأكثر من 35,3 تريليون دولار .

-         باتت الشركات معتمدة على عدة دول كسلسلة ( Block chaine )   في تصنيع منتجات و تسويقها في العالم أجمع ( شركة RENAULT في المغرب(

-         انتقال الريادة العالمية في مجالات عدة كالتعليم , الاقتصاد , الصناعة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى كل من الصين و الهند و البرازيل . الصين تصنع المنتجات و الهند تقدم الخدمات. الصين تصنع Hardware   و الهند Software  في الإلكترونيات .

-         راهنت الصين على التعليم و التكوين الجيد بأكثر من 4 في المئة من الناتج الوطني الإجمالي و أعطت مكانة و قيمة خاصة للبحث و التطوير العلمي ( الجيل الخامس من شبكات الهاتف , صرفت عليه أكثر مما دفعت عليه USA و دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة ) . فالقوة تأتي بالسيطرة على الأسواق و ليس بإنشاء الإمبراطوريات .

-         أصبحت الأبناك الأسيوية هي الممولة للدين الخارجي الأمريكي . فالولايات المتحدة تدين بأكثر من  200 مليار دولار إلى أجل قريب للصين . هذه الأخيرة تحتاج إلى السوق الأمريكي لتصريف بضاعتها .

-         اتجاه  USA إلى تبني سياسة حمائية إنغلاقية بعد أن أنتجت عقيدة الاقتصاد الرأسمالي بكل أفكاره و مبادئه : السوق الحر – العولمة – الحرية ...

-         اخر الصيحات و الموجات Trends في مجال الأعمال و الفن و التكنولوجيا و الهندسة ستأتي من لندن, شنغهاي , مومباي , سيول .. كما تربعت بوليود على رأس الإنتاج السينمائي متجاوزة في ذلك هوليود .

-         انخفاض الرواتب بسبب المنافسة Outsourcing . Freelance  حيث بات يمكنك تكليف شخص أو أشخاص للقيام بعمل أو أعمال بأقل تكلفة : جلب أسيويين للعمل في مجال البناء مثلا ... إنشاء مواقع إلكترونية أو تطبيقات بالاعتماد على الخبراء و المهندسين الهنود .

-         تراجع مستوى الأمريكيين في مواد الرياضيات و العلوم و الانغماس في الترفيه (الألعاب الإلكترونية... الأغاني ... الأفلام ...) فبالرغم من توفر المعرفة و بأقل تكلفة لم تعد هناك رغبة في التعلم و الدراسة .

-         تراجع معدلات نمو السكان نتيجة انخفاض نسبة الخصوبة و تدهور مؤسسة الأسرة و العزوف عن الزواج و انتشار المثلية الجنسية و الممارسات الشاذة .

-         إن اقتصاد اليوم هو اقتصاد الأفكار و الطاقة و ليس اقتصاد رأس المال و العمل .فالنمو الاقتصادي يأتي من خلال إنتاج المنتجات و الخدمات و ليس من مراكمة الأموال .

-         ظهور مشاكل مثل العنصرية تجاه المهاجرين و العداء لبعض الديانات كالديانة الإسلامية . التلوث و ارتفاع انبعاثات CO2  نظرا لاستخدام الصين و الهند للفحم الحجري في إنتاج الطاقة الكهربائية بعد ازدياد الطلب عليها .

-         بزوغ الاقتصاد الموجة من طرف الدولة يتسم بنوع من البيروقراطية , يخدم أجندة محددة و معينة للدولة العميقة , شركات كبرى حرة في الظاهر ذات مرجعية سياسية و استراتيجية في الباطن .

-         ارتفاع نسبة البطالة لدى الأمريكيين لأكثر من 40 مليون شخص اضطروا إلى ترك وظائفهم و تحولوا إلى التقاعد أو إلى الخدمة الاجتماعية برواتب أقل.

-         مجموعة دول BRICS أصبح لها دورها في وضع السياسة العالمية وفرض رؤيتها للواقع الدولي حيث سنشهد عالما انتقل من قطبين (الإتحاد السوفياتي -USA ) إلى عالم أحادي القطب (USA) إلى عالم متعدد الأقطاب.

 

اهروش يوسف

كتبتها على الحاسوب : مريم اهروش

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

كيف تصنع ثروة وأنت نائم