نهاية المدرسة وأشكال التعليم التقليدي



التعليم عن بعد


نهاية المدرسة وأشكال التعليم التقليدي:
1_ أشكال العمل وسوق الشغل وتطور الإقتصاد.
2_ التعليم العمومي والتعليم الخصوصي فوارق وتناقضات.
3_ مدرسة الحاضر والمستقبل والتحديات.




      انتقلت المدرسة من مؤسسة لتعلم القراءة والكتابة والحساب والقيم والمبادئ وقواعد السلوك القويم إلى إطار فاعل في تكوين مواطن الغد وإعداده وإدماجه في النسيج الاقتصادي والاجتماعي ومساعدته على تحقيق سبل العيش الكريم. فأصبحنا نتحدث عن ربط التعليم والتكوين بسوق الشغل وهي فكرة تعبر عن تداخل المجالين: مجال الاقتصاد ومجال التعليم. مما يدفعنا إلى بحث وتحليل هذا الترابط، باقتضاب شديد، منذ عصر الفلاحة والزراعة إلى عهد المعرفة والمعلومات.

     خلال الثورة الزراعية والفلاحية، كان الحصول على عمل يستلزم توفر العامل على قوة جسمانية وعضلية قوية تمكنه من القيام بالأعمال الشاقة التي يطلبها النشاط الفلاحي وكان رب العمل هو من يملك الأرض والأدوات الفلاحية وهو من يعيش في رغد ورفاهية.

    الحقبة الصناعية عرفت ظهور المحركات البخارية وتعويض النشاط العضلي الجسماني بالآلات، برزت ضرورة تأهيل عاملين قادرين على استخدامها، صناعتها وصيانتها وموظفين قادرين على أداء الوظائف المكتبية وبيع المنتجات وتسويقها. كان رب العمل هو من يملك المصنع ومن يملك أدوات الإنتاج والساهر على إدارة الأعمال وتسيير العمال.

    في عصر المعرفة والمعلومات، القوة صارت في يد من يطور ويخترع ويبتكر. من يحتكر المعرفة: القدرة على التفكير والتحليل، الاستقراء والاستنباط، الاستخراج والاستنتاج، الاستشراف والتوقع، المواكبة والتتبع، التعلم والتطوير المستمر، العصف الذهني للأفكار وإيجاد الحلول للمشاكل ...

   كان أساس العمل العضلات فأصبحت الآلات التي يستخدمها العامل ثم أضحت المعرفة التي يديرها ويدبرها.

     منذ نشأة المدرسة كإطار ومؤسسة للتربية والتعليم والتكوين أنيطت بها عدة وظائف من بينها إعداد وتأهيل التلاميذ والطلاب ليكونوا فاعلين في الحياة الاقتصادية للبلد والدولة، إلا أن مبدأ المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص بين فئات المجتمع لطالما كان شماعة لإخفاء استمرار العقلية الإقطاعية، التمييزية بين الإقطاعي والقن، الرأسمالي والمستخدم، الغني والفقير...

     بعد أن كانت المدرسة واحدة وموحدة تجمع بين أحضانها تلاميذ من مختلف الشرائح والفئات أصبحت اليوم مؤشرا من مؤشرات المكانة الاجتماعية: تعليم عمومي بكل آفاته، سلبياته وإيجابياته لعامة الشعب وتعليم خصوصي بكل مميزاته وخصائصه، مناهجه وسائله، لغاته وبرامجه...لكل واحد منهما مدخلاته ومخرجاته، فللأول وظائف ومهن معينة ومحدودة تتبارى عليها أعداد كبيرة والباقي مآله إلى العطالة والبطالة، والثاني مهاراته وكفاءاته مطلوبة حيث الشركات تتنافس على الخريجين من الطلبة الأوائل والمتفوقين. إنه تعليم النخبة، الرواد والقواد، تعليم وظائفه، أجوره وتعويضاته غير محدودة، تعليم يتفوق على نظيره في كونه يقدم تكوينات متخصصة بوسائل وتقنيات تكنولوجية متطورة تعجز عنها المدرسة العمومية بعدما خفضت الحكومات الميزانية السنوية لقطاع التعليم نزولا عند حتميات صناديق القروض العالمية.

    إن دمقرطة المدرسة تبدأ بتحرير المضامين والمناهج من أية قولبة معرفية وثقافية، من أي خلفية سياسية أو إيديولوجية، من أي مرجعية إقصائية تفييئية، طبقية. كل بلد يكرس مبدأ التعليم باتجاهين متوازيين غير متكافئين (عام وخاص) مآله إلى النكوص والشلل والتقهقر فالتعليم كان دائما أداة للحركية والرقي الاجتماعي. المستقبل قد يكون أرض العجائب للفرص، لكن فقط للأغلبية من الميسورين وذوي الثقافة العالية، ومن الممكن أن يكون في الوقت نفسه عصورا مظلمة رقميا لغالبية المواطنين الفقراء.

    إن تعليم عصر المعرفة هو تعليم تعاوني، تكافلي يقوم على تقاسم وتبادل الأفكار وإغناءها، عصر حل المشكلات وعلاجها، عصر تختفي فيه المدرسة في شكلها التقليدي لتظهر في حلل جديدة سيفرضها التطور التكنولوجي والتقني (التعليم عن بعد – التعليم الافتراضي أو الإلكتروني ...)، عصر التكوينات المتناهية الصغر التي تروم تعليم مهارات خاصة ومتخصصة تستجيب لحاجيات سوق الشغل المباشرة والحتمية، معرفة عالمية وكونية لغتها الرسمية الإنجليزية.

 أصبح لزاما علينا أن نعيد التفكير في الأسئلة التالية:

-        كيف نعلم؟

-        ماذا نعلم؟

-        أين نعلم؟

 وأن نرسي قواعد مدرسة جديدة بمواصفات حديثة:

-        مدرسة تنطلق من تمثلات وسياقات حقيقية وواقعية.

-        مدرسة تركز على إنماء وإكساب المهارات بدل المعرفة وكثافة المضامين.

-        مدرسة تعلم كيفية التعلم بدل التعليم.

-        مدرسة تطوير الأفكار والحلول الغير مسبوقة.

-        مدرسة الإبداع والابتكار...

-        مدرسة التعلم فيها يكون من خلال التفاعل والاتصال والمشاركة والمقارنة...

-        مدرسة تعلم القدرة على التكيف مع التغيير ومسايرة التطور والتقدم.

-        مدرسة منفتحة على محيطها تؤثر فيه وتتفاعل معه.

-        مدرسة تدفع إلى التساؤل والتفكر والتأمل وحل المسائل والألغاز...

-      مدرسة تنمي المواهب وفضاء لممارسة الهوايات.

  ظهرت مؤخرا منصات ومواقع بدأت تنافس الكليات والجامعات تقترح تكوينات courses مجانية أو مقابل مبالغ مالية في شكل مجزوءات مثل: -coursera   udacity -udemy-

  التكوينات المتناهية الصغر ستكون إن شاء الله موضوع البحث المقبل.

 

 

 

اهروش يوسف




















Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

كيف تصنع ثروة وأنت نائم

عالم ما بعد كورونا نظام عالمي جديد في طور التحديد

Au volant.